اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
268462 مشاهدة print word pdf
line-top
أن ينوي ثم يسمي ويضرب التراب بيديه

قوله: [وصفته أن ينوي، ثم يسمي، ويضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع ضربة واحدة] لحديث عمار وفيه التيمم ضربة للوجه والكفين رواه أحمد وأبو داود .
[والأحوط اثنتان بعد نزع خاتم ونحوه ] ليصل إلى ما تحته.


الشرح: صفة التيمم مأخوذة من قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وصفة ذلك أن ينوي لأن النية شرط في جميع العبادات، وهي- كما علمنا- ملازمة لكل عامل، فالواجب على المسلم تصحيح هذه النية عند كل عبادة لله تعالى بأن تكون هذه العبادة خالصة له سبحانه بحيث لا يشرك العبد أو يرائي في عبادته تلك، ومن تلكم العبادات: التيمم، فيتيمم العبد ناويا عبادة ربه على الوجه المشروع، وقد عرفنا أن النية ملازمة لكل عامل، فإما أن تكون صالحة مجزئة يثاب عليها، وإما أن تكون غير صالحة، فيبطل العمل، ولا يثاب عليه، ولا يعتبر مجزئا.
ثم يسمي؛ لأن التسمية من واجبات التيمم كما هي من واجبات الوضوء؛ لأن التيمم بدل عنه- وقد سبق بيان هذا-.
ثم يضرب التراب بيديه وهما مفرجتا الأصابع، لأجل أن يدخل التراب بينهما؛ لأن الفقهاء يرون وجوب استيعاب الكفين، ولهذا قالوا (مفرجتي الأصابع) ولكن ظاهر الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها وضرب بيديه الأرض كما في حديث عمار ولم يرد أنهما كانتا مفرجتي الأصابع، والتيمم مبني على التسهيل والتسامح، فليس هو كالوضوء بالماء، فالصواب أنه يضرب بيديه الأرض ولو كانتا مضمومتي الأصابع لعدم الدليل على ما ذكره المؤلف.
وقول المؤلف (يضرب التراب) بناء على اختياره بأنه لا يجزئ في التيمم إلا التراب، وقد عرفنا أن الصحيح جواز التيمم على كل ما على وجه الأرض مما هو متصل بها لعموم قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا والصعيد هو وجه الأرض، فيعم ما على وجهها من الرمال، والبطحاء، ونحوها، فلهذا كان الصواب أن يقول المؤلف (ويضرب الأرض) لا (ويضرب التراب)، ولكن بناء على الأغلب وأن التراب قد يطلق على وجه الأرض وأنه لا بد أن يكون طيبا طاهرا غير محترق ولا نجس، كما تقدم.
وقوله (ضربة واحدة) هذا هو الصحيح أن المتيمم يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة، ودليل ذلك حديث عمار السابق، وأما ما جاء من أنه -صلى الله عليه وسلم- ضرب بكفيه الأرض ضربتين فإنها أحاديث ضعيفة لا تصح فقوله المؤلف (والأحوط اثنتان) ليس بسديد؛ لأن الاحتياط لا يكون بمخالفة النص، قال شيخ الإسلام (الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا تبينت السنة فاتباعها أولى) ومع ذلك فلا مانع من الضرب مرتين كما تقدم، فقد روي مرفوعا عن جابر و ابن عمر و علي - رضي الله عنهم- وإن كان أكثر الروايات موقوفة فإن فعل الصحابي دليل على المشروعية، فلا ينكر على من كرر الضرب، ولا على من اقتصر على واحدة.

line-bottom